‏إظهار الرسائل ذات التسميات التاريخ الاسلامي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التاريخ الاسلامي. إظهار كافة الرسائل

وقفات على أطلال الأندلس




لقد بدأ الفتح الإسلامي للأندلس (إسبانيا) سنة 91هـ/ 710م، وكان الإيمان والرغبة في نشر الإسلام هو الدافع الحقيقي وراء هذا الفتح العظيم، وساهمت دقة التنظيم والتخطيط والإعداد، والصراع الداخلي الذي كان قائمًا بين النصارى (القوط)، والظلم الذي كان سائدًا في سرعة سقوط البلاد تحت حكم المسلمين، ورغبة السكان في التخلص من الحكم الجائر. وفي رسالة موسى بن نصير إلى الخليفة الوليد في دمشق وصف هذا الفتح بالحشر فقال: "لم يكن هذا فتحًا كغيره من الفتوح يا أمير المؤمنين، فإن الواقعة كانت أشبه باجتماع الحشر يوم القيامة".


استمر وجود المسلمين في الأندلس حتى سنة 897هـ/ 1492م، وخلال هذه السنين الطويلة تعاقب على حكم البلاد دول عدة أشهرها الدولة الأموية، ومرت البلاد بعهود القوة كعهد عبد الرحمن الداخل الذي توفي سنة 172هـ/ 788م، وعهد عبد الرحمن الناصر الذي توفي 350هـ/ 961م وحكم أكثر من خمسين سنة، وعهد محمد بن أبي عامر "الحاجب المنصور" الذي توفي سنة 392هـ/ 1002م.

كما مر الحكم الإسلامي بعهود من الضعف بسبب العصبية التي طغت على بعضهم، واشتعلت الحروب وقامت الصراعات تارة بين العرب كما جرى بين القيسية واليمنية، وتارة بين العرب والبربر، كما قامت الثورات بسبب الظلم والعنصرية ووجود الطبقية في المجتمع خلافًا لتعاليم ديننا الحنيف. ولئن كانت المصالح الشخصية هي السبب الحقيقي وراء الكثير من تلك الصراعات إلا أنها غُلِّفت بغلاف القبيلة أو الانتماء، حتى تقاسمت الأسر القبلية وقادتها البلاد، حتى غدا لكل مدينة تقريبًا حاكمها المستقل بالحكم وإن كان اللقب أوسع من مدينته التي يحكمها، وتقسمت البلاد في عهد دول الطوائف إلى نحو ست وعشرين دولة، فصح فيها قول الشاعر:

مِمَّا يُزَهِّدُنِي فِي أَرْض أَنْدَلُـسٍ *** أَسْمَاءُ مُعْتَمِـدٍ فيهـا وَمُعْتَضِـدِ
أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا *** كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صُورَةَ الأَسَدِ

وإن كانت هذه إلماحة سريعة عن الوضع السياسي إلا أن الوجود الإسلامي كانت له آثاره العظيمة على الحضارة الإنسانية في مختلف الميادين، والتي كانت قاعدة أساسية ومنطلقًا للنهضة في أوربا وذلك بفعل عوامل متعددة، ولا تزال آثار الحكم الإسلامي موجودة إلى اليوم شاهدة على تلك الحضارة وآثارها.

استمر حكم المسلمين بالرغم من وجود فترات من الضعف كانت كفيلة بزوال ملكهم، ومن الأسباب التي أدت لهذا البقاء هي نصرة المسلمين في المغرب لإخوانهم في الأندلس، فكانوا سندًا لهم في كل أزمة أو نازلة، ولم ينتهِ الوجود الإسلامي في الأندلس إلا بعد أن سيطر النصارى على مدن السواحل الجنوبية التي كانت حلقة الوصل بين المسلمين، وعندها انقطع المدد الإسلامي. ولما ضعف المدد من الأرض، جاء المدد من السماء؛ فلطالما كان الثلج حائلاً بين الطرفين. ولما حوصرت بسطة سنة 894هـ/ 1489م، قُتل من جنود النصارى أكثر من عشرين ألفًا؛ ثلاثة آلاف فقط بالقتال، والبقية بمرض حلَّ به، {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر: 31].

ومن أسباب بقاء حكم المسلمين تلك الصراعات التي كانت تشتعل بين النصارى فتضعف قوتهم وتشغلهم عن المسلمين، وكذلك التقليد الجرماني القديم الذي كان ينص على أن الملك إرث يقسم بين أبناء الملك المتوفَّى، واستمر النصارى في تطبيق هذا المبدأ الذي أدى إلى تفتيت دولهم وقوتهم، بينما كانت النصوص الشرعية لدى المسلمين واضحة وصريحة، فأمرت بأن تكون البلاد الإسلامية تحت سلطة حاكم واحد، وحرَّمت وجود خليفتين على المسلمين ولو بالمبايعة، وحرمت الاستجابة لدعوات الفرقة بين المسلمين، إلا أن منصب الملك أو الخلافة عندما فَقَد مكانته وهيبته ومنزلته تفرقت كلمة المسلمين، وكان هذا إيذانًا بزوال حكمهم، وبدلاً من أن يستفيد المسلمون من الخلافات بين النصارى، استطاع النصارى أن يستغلوا الخلافات بين المسلمين، وأن يتحكموا بمصيرهم بتغذية تلك الصراعات، حتى ولو بدعم الخصمين في وقت واحد.

كما اعتمد النصارى على سياسة الأرض المحروقة لتهجير السكان بالبطش والإرهاب في كل حصن أو مدينة يسيطرون عليها، وأدركوا أن قوتهم بوحدتهم، فوحَّدتهم المصالح كما وحدتهم الأهداف، واستطاعوا من خلال ما سمي بـ"حرب الاسترداد" أن يوحِّدوا النصارى بمساندة من الكنيسة ورجالها، بينما تفرقت كلمة المسلمين ولم توحدهم العقيدةُ ولا المصالح ولا المصائب، وكانت الأموال التي يقدمها المسلمون للنصارى في عهود ضعفهم سببًا لتقوية جيوش النصارى، وتدفق المرتزقة إليهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد!

وإن علينا أن نأخذ العبرة، وأن نعمل بما أمرنا الله تعالى به ورسوله -عليه الصلاة والسلام- قال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103]. وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].


المصدر: موقع قصة الاسلام.

قصة وفاة أبي طالب.. مواقف وتحليلات : د. راغب السرجاني

قصة وفاة أبي طالب.. مواقف وتحليلات : د. راغب السرجاني 



 ملخص المقال
 عند وفاة أبي طالب حدث موقفٌ هامٌّ جدًّا؛ قد تجمع شيطان الكفر أبو جهل، وأحد زعماء قريش عبد الله بن أبي أمية، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند رأس أبي طالب وقت وفاته، وكان لكلٍّ منهم سببٌ للزيارة وموقفٌ هامٌّ. يسرد تلك المواقف ويُحلِّلها ويستخرج دروسها النفيسة الدكتور راغب السرجاني في ذلك المقال الشائق. 







اهم مقتطفات المقال 
يظنُّ بعض الناس أنَّ أبا جهل حالةٌ فريدة، والحقُّ أنَّه غير ذلك! فنموذجه متكرِّر، ومثله كثير؛ بل إنَّ كلَّ الطواغيت على الأرض على هذه الشاكلة.. يتعبون، ويسهرون، ويكدحون، ويُضَحُّون، ثُمَّ ماذا في النهاية؟! هل بقي منهم أحد؟ هل كُتِبَ لأحدهم الخلود؟ لقد أضاعوا الدنيا والآخرة، وماتوا وقد ذهبت ذكراهم أدراج الرياح!
تهديد الخلافة العباسية

تهديد الخلافة العباسية



إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
تهديد الخلافة العباسية

حقَّق جنكيزخان حلمًا غاليًا، ما كان يتوقَّع أن يكون بهذه السهولة، وهذا الحلم هو احتلال أفغانستان.

ولكن! لماذا يكون احتلال أفغانستان بالتحديد حلمًا لجنكيزخان أو لغيره من الغزاة؟!
ِ
لماذا يكون احتلال أفغانستان ِخطوة مؤثِّرة جدًّا في طريق سقوط الأُمَّة الإسلامية؟!

ولماذا يجب أن يكون سقوط أفغانستان في يد محتلٍّ -أيًا كان- نذير خطر شديد للأُمَّة بأسرها؟!

الواقع أن سقوط أفغانستان يحمل بين طيَّاته كوارث عدَّة:

أولاً:
الطبيعة الجبلية للدولة تجعل غزوها شبه مستحيل؛ وبذلك فهي تمثِّل حاجزًا طبيعيًّا قويًّا في وجه الغزاة، وهذا الحاجز يُخَفِّف الوطأة على البلاد المجاورة لأفغانستان، فإن سقطت أفغانستان كان سقوط هذه البلاد المجاورة محتملاً جدًّا، وسيكون غزو أو مساومة باكستان وإيران ثم العراق بعد ذلك أسهل جدًّا.

ثانيًا:
الموقع الإستراتيجي المهم لأفغانستان يُعطيها أهمية قصوى؛ فهي في موقع متوسِّط تمامًا في آسيا، والذي يحتلُّها سيملك رؤية باتساع 360 درجة على المنطقة بأسرها؛ فهو على بُعد خطوات من دول في غاية الأهمية، إنه لا يُراقب باكستان وإيران فقط، ولكنه يُراقب -أيضًا- دولًا خَطِرة مثل روسيا والهند؛ وفوق ذلك فهو قريب نسبيًّا من الصين؛ وبذلك تُصبح السيطرة على كامل آسيا -بعد احتلال أفغانستان- أمرًا ممكنًا.

ثالثًا:
صلابة شعبها؛ الطبيعة الجبلية لأفغانستان أكسبت شعبها صلابة وقوَّة قد لا تتوافر في غيرها من البلاد، فإن سقط هؤلاء فسقوط غيرهم سيكون أسهل.

رابعًا:
النزعة الإسلامية؛ يتمتَّع سكَّان هذا البلد بنزعة إسلامية عالية جدًّا، وبروح جهادية بارزة، وليس من السهل أن يقبلوا الاحتلال، وظهر ذلك واضحًا في انتصارهم مرَّتين على التتار؛ بينما فشلت كل الجيوش الإسلامية في تحقيق مثل هذا النصر، ولا شكَّ أن سقوط هؤلاء يُعَدُّ نجاحًا عظيمًا للقوى المعادية للمسلمين.

خامسًا:
الجانب النفسي؛ فوق كل ما سبق، فإن الأثر المعنوي السلبي على الأُمَّة الإسلامية، والإيجابي على التتار، سوف يكون عاملًا شديد التأثير في الأحداث، فأنَّى لأُمَّة محبطة أن تُفَكِّر في القيام، وأَنَّى لأُمَّة ذاقت طعم النصر الصعب أن تُفَرِّط في الانتصارات السهلة! هذا عادة لا يكون!

وبذلك يكون التتار قد وصلوا من الصين إلى كازاخستان ثم أوزبكستان ثم التركمنستان ثم أفغانستان ثم إيران ثم أَذْرَبِيجَان ثم أرمينيا ثم جورجيا، وقد اقتربوا جدًّا من العراق.

إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
تهديد الخلافة العباسية

كل هذا في سنة واحدة! سنة (617هـ=1220م)!

حتى إن ابن الأثير يُعَلِّق على هذا فيقول:

«وقد جرى لهؤلاء التتر ما لم يُسمع بمثله من قديم الزمان وحديثه؛ فهذه طائفة تخرج من حدود الصين، لا تنقضي عليهم سنة حتى يصل بعضهم إلى بلاد أرمينيا، ويُجاورون العراق من ناحية هَمَذَان، وتالله! لا أشكُّ أن مَنْ يجيء بعدنا -إذا بَعُدَ العهد- ويرى هذه الحادثة مسطورة فإنه سيُنكرها ويستبعدها، والحقُّ بيده، فمتى استبعد ذلك فلينظر أنا سطَّرنا نحن، وكل مَنْ جمع التاريخ في أزماننا هذه، في وقت كلُّ مَنْ فيه يعلم هذه الحادثة، فقد استوى في معرفتها العالم والجاهل لشهرتها»[1].

عودة التتار إلى أَذْرَبِيجَان:
دخلت سنة 618 هجرية، وعاد التتار إلى إقليم أَذْرَبِيجَان المسلم من جديد، ودخلوا مدينة «مَرَاغَة» المسلمة، ومن عجيب الأمور أن امرأة كانت ترأس هذه المدينة، ولا أدري لماذا أعطى المسلمون زمامهم لامرأة، وخاصةً في هذا التوقيت الحساس؟! إلاَّ إذا كانت البلاد قد عدمت الرجال الذين يصلحون للقيادة!

حاصر التتار مَرَاغَة ونصبوا حولها المجانيق، وأخذوا يضربون المدينة من كل مكان، فخرج أهلها للقتال، فإذا بالتتار يدفعون بالأسارى المسلمين الذين أتوا بهم من بلاد متعدِّدة ليُقاتلوا عنهم، والتتار يحتمون بهم، ومَنْ تأخَّر من الأسارى عن القتال قُتل، فبدأ الأسارى المسلمون يُقاتلون إخوانهم المسلمين في مَرَاغَة طمعًا في قليل من الحياة[2]، وسبحان الله! إن كان الموت لا محالة آتٍ؛ فلماذا تقتل إخوانك قبل أن تُقتل؟! ولو انقلب الأسارى على التتار حمية لإخوانهم في مَرَاغَة، لكان في ذلك فرصة النجاة لبعض المسلمين؛ ولكن ضاعت المفاهيم، وعميت الأبصار، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله!

دخل التتار مدينة مَرَاغَة المسلمة في 4 من صفر سنة (618هـ=1221م)، ووضعوا السيف في أهلها، فقُتل منهم ما يخرج عن الحدِّ والإحصاء، ونهبوا كل ما صلح لهم وكل ما استطاعوا حمله، أمَّا ما كانوا يعجزون عن حمله فكانوا يحرقونه كله، ولقد كانوا يأتون بالحرير الثمين كأمثال التلال فيُضرمون فيه النار[3]!

ويذكر ابن الأثير: أن المرأة من التتار كانت تدخل الدار فتقتل جماعة من أهلها! وذكر -أيضًا- أنه قد سمع بنفسه من بعض أهل مَرَاغَة أن رجلاً من التتر دخل دربًا فيه مائة رجل مسلم، فما زال يُقاتلهم واحدًا واحدًا حتى أفناهم، ولم يمدّ أحد يده إليه بالسوء[4]! ضُربت الذلَّة على الناس، فلا يُدافعون عن أنفسهم قليلاً ولا كثيرًا، ونعوذ بالله من الخذلان!

التهديد بغزو شمال العراق:
بدأ التتار يُفَكِّرون في غزو مدينة «إربل» في شمال العراق، ودبَّ الرعب في مدينة أربيل، وكذلك في مدينة الموصل غرب أربيل، وفكَّر بعض أهلها في الجلاء عنها للهروب من طريق التتار، وخشي الخليفة العباسي الناصر لدين الله[5] أن يعدل التتار عن مدينة أربيل لطبيعتها الجبلية؛ فيتَّجِهون إلى بغداد بدلًا منها، فبدأ يفيق من السبات العميق الذي أصابه في السنوات السابقة، وبدأ يستنفر الناس لملاقاة التتار في أربيل إذا وصلوا إليها، وأُعلنت حالة الاستنفار العامِّ في كل المدن العراقية، وبدأ جيش الخلافة العباسية في التجهُّز.

تُرى! كم من الرجال استطاع الخليفة أن يجمع؟

لقد جمع الخليفة العباسي «الناصر لدين الله» ثمانمائة رجل فقط[6]!

ولا أدري كيف سينصر الخليفةُ دينَ الله -كما يُوحي بذلك اسمه- بثمانمائة رجل؟!

أين الجيش القوي؟! وأين الحمية للخلافة؟! وأين التربية العسكرية؟! وأين الروح الجهادية؟!

لم يكن الناصر لدين الله خليفة، وإنما كان «صورة» خليفة، أو «شبح» خليفة!

لم يستطع قائد الجيش «مظفر الدين» -طبعًا- أن يلتقي بالتتار بهذا العدد الهزيل، ولكن انسحب بالجيش، ومع ذلك -سبحان الله!- فقد شعر التتار أن هذه خدعة، وأن هذه هي مقدِّمة العسكر، فليس من المعقول أنَّ جيش الخلافة العباسية المرهوبة لا يزيد عن ثمانمائة جندي فقط! ولذلك قرَّرُوا تجنُّب المعركة وانسحبوا بجيوشهم[7].

وانسحاب جيوش التتار يحتاج منَّا إلى وقفة وتحليل؛ فقد كان الرعب يملأ التتار من إمكانيات الخلافة العباسية؛ التي كانت ملء سمع وبصر الدنيا، وكانت تزهو على غيرها من الأمم بتاريخ طويل، وأمجاد عظيمة، ولا شكَّ أن دولة لقيطة مثل دولة التتار ليس لها على وجه الأرض إلا بضع سنوات ستحسب ألف حساب لدولة عظيمة؛ يمتدُّ تاريخها إلى أكثر من خمسمائة سنة؛ لذا فالتتار كانوا يُقَدِّرون إمكانيات العراق بأكثر من الحقيقة بكثير؛ ومن ثَمَّ فقد آثروا ألا يدخلوا مع الخلافة في صدام مباشر، واستبدلوا بذلك ما يُعرف «بحرب الاستنزاف»؛ وذلك عن طريق توجيه ضربات خاطفة موجعة للعراق، وعن طريق الحصار الطويل المستمرِّ، وأيضًا عن طريق عقد الأحلاف والاتفاقيات مع الدول والإمارات المجاورة؛ لتسهيل الحرب ضد العراق في الوقت المناسب.

لذلك فقد انسحب التتار بإرادتهم؛ ليطول بذلك عمر العراق عدَّة سنوات أخرى، كما سيأتي.

[1] ابن الأثير: الكامل في التاريخ 10/346، 347.
[2] ابن كثير: البداية والنهاية 13/106.
[3] ابن كثير: البداية والنهاية 13/103.
[4] ابن الأثير: الكامل في التاريخ 10/248.
[5] الناصر لدين الله (553 - 622 هـ): أحمد بن المستضيء بأمر الله، الخليفة العباسي، بويع بالخلافة بعد موت أبيه (سنة 575هـ)، وطالت أيامه حتى إنه لم يلِ الخلافة من بني العباس أطول مدة منه، وكان لا يفعل أمرًا من أمور الخير إلا ويقوم بإلغائه! فمن ذلك أنه عمل دور الضيافة ببغداد; ليفطر الناس عليها في رمضان، فبقيت مدة، ثم قطع ذلك، ثم عمل دور الضيافة للحجاج، فبقيت مدة، ثم أبطلها، وأطلق بعض المكوس التي جددها ببغداد خاصة، ثم أعادها، ويقال: إنه هو الذي كاتب التتر وأطمعهم في البلاد؛ لما كان بينه وبين خوارزم شاه من العداوة.
[6] ابن كثير: البداية والنهاية 13/106.
[7] ابن الأثير: الكامل في التاريخ 10/349، 350.



د/ راغب السرجاني

المدفع السلطاني الذي مهّد لفتح القسطنطينية

المدفع السلطاني الذي مهّد لفتح القسطنطينية





بذل السلطان محمد الفاتح جهوده المختلفة للتخطيط والترتيب لفتح القسطنطينية، وبذل في ذلك جهودًا  كبيرة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية، حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون مجاهد.
وقد أولى السلطان محمد الفاتح عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية، ومن أهمها المدافع، حيث أحضر مهندسًا مجريًّا يُدعى (أوربان) كان بارعًا في صناعة المدافع.
وصل المهندس المجري أوربان إلى بلاط محمد الفاتح بعد أن فشل في مدينة القسطنطينية وغيرها من بلدان أوربا في الحصول على وظيفة وتقدير، فرحَّب به محمد الفاتح وأنفق عليه وعلى غيره من المهندسين والخبراء الأموال الطائلة لقاء تحقيق كل ما وعدوه بتنفيذه.
وقد تمكَّن المهندس المجري أوربان من تصميم وتنفيذ العديد من المدافع الضخمة، كان على رأسها المدفع السلطاني المشهور، والذي ذُكر أن وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان، وكانت هذه المدافع تقذف كرات من الحجر زنة كل واحدة منها 12 قنطارًا إلى مسافة ميل، وقد أشرف السلطان بنفسه على صناعة هذه المدافع وتجريبها.
وكان المدفع السلطاني عظيمًا لدرجة أن تحريكه يتطلب جهد 60 رجلاً وما يقرب من 200 ثور!! وكان نصف الرجال يمهدون الطريق لسير المدفع، والآخرون يقومون بسحب الحبال لمنع الأسلحة الثقيلة من السقوط. وقد استغرق جنود السلطان محمد الفاتح قُرابة السبعة أيام لتجهيز المدفع لإطلاق النار.
وبعد مضي 7 أيام، كان المدفع جاهزًا، فانطلقت أولى قذائفه من حجر الصوان لتتحطم علي أسوار القسطنطينية لتفتح الطريق أمام الجيش المسلم لفتح المدينة.
المصدر :أسلام لايت

مؤسس علم التاريخ في الإسلام هو التابعي الجليل عروة بن الزبير

بقايا قصر عروة بن الزبير بالمدينة المنورة 


مؤسس علم التاريخ في الإسلام هو التابعي الجليل عروة بن الزبير
أبو عبد الله عُروة بن الزُبير بن العوام الأسدي تابعي ومحدث ومؤرخ مسلم، ولد عروة بن الزبير على أرجح الأقوال سنة 23 هـ، ونشأ في المدينة المنورة كسائر أبناء الصحابة، ولا يُعلم شيء عن الفترة المبكرة من حياته سوى إشارات عابرة أتت في بعض
مروياته، لكن يبدو أن نسبه من جانب، وحبه للعلم منذ صغره من جانب آخر قد ميزاه على غيره من أقرانه.
تعددت معارف عروة بن الزبير؛ وشملت هذه المعارف الحديث والتفسير والشعر والفقه، إضافة إلى السيرة والمغازي التي لا ينازعه فيها منازع من شيوخ عصره.
يعد عروة بن الزبير بحق أول من صنف في المغازي أو كتب الغزوات، ولكن مصنفاته لم تكن كتبًا بالمفهوم المتعارف عليه الآن بين الدارسين، وإنما كانت عبارة عن رسائل، تجمع كل رسالة الروايات التي تتناول موضوعًا معينًا يشبه ما يسمى الآن الفصل من الكتاب يكتبه بأسلوبه الخاص، فتجد كتابًا عن وقعة الجمل فقط أو صفين بعينها، أو ما إلى ذلك.
 وصل إلينا كثير من مرويات عروة التاريخية متناثرة عند ابن هشام في “السيرة”، وابن سعد في “الطبقات”، والطبري في “تاريخ الرسل والملوك”، وفي بعض المصادر المتأخرة مثل ابن عبد البر في “الاستيعاب”، وابن كثير في “البداية والنهاية”.
وبالنظر في هذه المرويات نجد أنها تناولت الفترة المكية من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تكلم فيها عن هجرة المسلمين إلى المدينة، وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك مع تفاصيل قليلة عن أحداثها.
كما تناولت الفترة المدنية وما فيها من أحداث ومواقف، وسرايا ومغازي كبدر وقينقاع وغيرها، ثم ذكرت فتح مكة، وغزوة حنين، وحصار الطائف، وغزوة تبوك ودور المنافقين فيها، وكتب الرسول إلى الملوك والأمراء، وحجة الوداع ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته في بيت عائشة.
كذلك سجلت مرويات عروة بن الزبير تاريخ الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان، وذكر فيها فتنة مقتل عثمان – رضي الله عنه- وواقعة الجمل..
وقد اتسمت مرويات عروة بن الزبير بالاقتصار على تناول تاريخ الإسلام فقط، باستثناء حديثه عن بعض إرهاصات النبوة التي سبقت نزول الوحي، بالإضافة إلى تميزها بالإيجاز والاقتصار على الجانب المهم من الرواية، والنزاهة والموضوعية.
كما كان النقل فيها من مصادر مباشرة إما عن طريق مشاهدته أو من شهود العيان لها، كذلك لم تقتصر على التاريخ السياسي، وإنما تناولت كثيرا من الأمور الاجتماعية.
المصدر:قصة الإسلام

المدفع السلطاني الذي مهّد لفتح القسطنطينية

المدفع السلطاني الذي مهّد لفتح القسطنطينية





بذل السلطان محمد الفاتح جهوده المختلفة للتخطيط والترتيب لفتح القسطنطينية، وبذل في ذلك جهودًا  كبيرة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية، حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون مجاهد.
وقد أولى السلطان محمد الفاتح عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية، ومن أهمها المدافع، حيث أحضر مهندسًا مجريًّا يُدعى (أوربان) كان بارعًا في صناعة المدافع.
وصل المهندس المجري أوربان إلى بلاط محمد الفاتح بعد أن فشل في مدينة القسطنطينية وغيرها من بلدان أوربا في الحصول على وظيفة وتقدير، فرحَّب به محمد الفاتح وأنفق عليه وعلى غيره من المهندسين والخبراء الأموال الطائلة لقاء تحقيق كل ما وعدوه بتنفيذه.
وقد تمكَّن المهندس المجري أوربان من تصميم وتنفيذ العديد من المدافع الضخمة، كان على رأسها المدفع السلطاني المشهور، والذي ذُكر أن وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان، وكانت هذه المدافع تقذف كرات من الحجر زنة كل واحدة منها 12 قنطارًا إلى مسافة ميل، وقد أشرف السلطان بنفسه على صناعة هذه المدافع وتجريبها.
وكان المدفع السلطاني عظيمًا لدرجة أن تحريكه يتطلب جهد 60 رجلاً وما يقرب من 200 ثور!! وكان نصف الرجال يمهدون الطريق لسير المدفع، والآخرون يقومون بسحب الحبال لمنع الأسلحة الثقيلة من السقوط. وقد استغرق جنود السلطان محمد الفاتح قُرابة السبعة أيام لتجهيز المدفع لإطلاق النار.
وبعد مضي 7 أيام، كان المدفع جاهزًا، فانطلقت أولى قذائفه من حجر الصوان لتتحطم علي أسوار القسطنطينية لتفتح الطريق أمام الجيش المسلم لفتح المدينة.
المصدر :أسلام لايت

مقالات

Wikipedia

نتائج البحث

أخبار