قصة وفاة أبي طالب.. مواقف وتحليلات : د. راغب السرجاني

قصة وفاة أبي طالب.. مواقف وتحليلات : د. راغب السرجاني 



 ملخص المقال
 عند وفاة أبي طالب حدث موقفٌ هامٌّ جدًّا؛ قد تجمع شيطان الكفر أبو جهل، وأحد زعماء قريش عبد الله بن أبي أمية، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند رأس أبي طالب وقت وفاته، وكان لكلٍّ منهم سببٌ للزيارة وموقفٌ هامٌّ. يسرد تلك المواقف ويُحلِّلها ويستخرج دروسها النفيسة الدكتور راغب السرجاني في ذلك المقال الشائق. 







اهم مقتطفات المقال 
يظنُّ بعض الناس أنَّ أبا جهل حالةٌ فريدة، والحقُّ أنَّه غير ذلك! فنموذجه متكرِّر، ومثله كثير؛ بل إنَّ كلَّ الطواغيت على الأرض على هذه الشاكلة.. يتعبون، ويسهرون، ويكدحون، ويُضَحُّون، ثُمَّ ماذا في النهاية؟! هل بقي منهم أحد؟ هل كُتِبَ لأحدهم الخلود؟ لقد أضاعوا الدنيا والآخرة، وماتوا وقد ذهبت ذكراهم أدراج الرياح!


 عندما جاءت لحظة موت أبي طالب عَلِمَ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسرع مُتلهِّفًا إلى دار عمِّه الحبيب، وكلُّه أمل أن يستجيب عمُّه لدعوته في لحظاته الأخيرة في الدنيا، فيكون سببًا لتحويل مساره من النار إلى الجنَّة! ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي عَلِم باقتراب لحظة موت أبي طالب، إنَّما علم بذلك -أيضًا- شيطان مكة أبو جهل! وعند رأس أبي طالب كان اللقاء جامعًا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدوِّ الإسلام الأكبر أبي جهل! 
عن سعيد بن المسيب عَنْ أَبِيهِ[1] قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: «أَيْ عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ». فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: 113][2]، وَأَنْزَلَ اللهُ فِي أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56][3]. 
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمِّهِ: «قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ. يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ. لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56][4]. 
هكذا كانت النهاية المأسويَّة حقًّا للقصَّة! لقد رأينا في الموقف السابق أربعة رجال؛ رأينا أبا جهل، وعبد الله بن أبي أميَّة بن المغيرة، وأبا طالب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنا وقفةٌ مع كلِّ واحدٍ منهم! 
أمَّا أبو جهل فشيطانٌ مريد! حرص أبو جهل على ألَّا يفوته حدثٌ مهمٌّ في مكة؛ لقد كان متابعًا لكلِّ حركةٍ يُمكن أن يستغلَّها لتحقيق نصرٍ للكافرين! بذل جهدًا كبيرًا.. أنفق وقتًا ثمينًا.. ضحَّى بمالٍ وتجارة.. واصل الليل بالنهار.. لم تهدأ له جارحة، ولم يغمض له جفن! كل ذلك للصدِّ عن سبيل الله! يظنُّ بعض الناس أنَّ أبا جهل حالةٌ فريدة، والحقُّ أنَّه غير ذلك! فنموذجه متكرِّر، ومثله كثير؛ بل إنَّ كلَّ الطواغيت على الأرض على هذه الشاكلة.. يتعبون، ويسهرون، ويكدحون، ويُضَحُّون، ثُمَّ ماذا في النهاية؟! هل بقي منهم أحد؟ هل كُتِبَ لأحدهم الخلود؟ لقد أضاعوا الدنيا والآخرة، وماتوا وقد ذهبت ذكراهم أدراج الرياح! جاء أبو جهل يلهث؛ فهو يخشى أن يختم أبو طالب حياته مؤمنًا بالله الواحد، مُصدِّقًا لابن أخيه رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلو آمن أبو طالب -ولو قبل موته بلحظات- فإنَّ هذا سيكون ضربةً قاصمةً للكفر بمكة، وقد تُؤمن قبيلة بني عبد مناف بشقَّيْهَا بني هاشم وبني المطلب، إمَّا اقتناعًا برأي أبي طالب، وإمَّا حميَّةً له، فلا بُدَّ من الوقوف على رأس الشيخ الكبير حتى تخرج روحه كافرة! أيُّ قضيَّةٍ تعيسةٍ يعيشها هؤلاء الحمقى؟! هذا أبو جهل! 

وصديقه قصَّتُه أعجب! 

عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة كان شخصية مُحَيِّرة! ففيه من الصفات التي تدفعه إلى الإيمان ما يجعلنا نطمع في إسلامه، وفيه من الخصائص ما يجعله قريبًا من الكافرين! فالرجل عاقلٌ وحكيمٌ وكريم، ووَرِث الكرم من أبيه أبي أمية؛ الذي كان يُسَمَّى «زاد الركب»؛ حيث إنَّه كان يتكفَّل بطعام وزاد كلِّ مَنْ يُسافر معه[5]! وهو ابن عمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم عاتكة بنت عبد المطلب، وهذا يجعله بالتبعية قريبًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي قريبًا من الإيمان، وعلى الجانب الآخر فعبد الله بن أبي أمية مخزومي! بل هو ابن عم أبي جهل، وبذلك فهو له دوافعه القبليَّة التي تجعله يُحارب دعوةً جاءت على يد هاشمي! هذه التداخلات في النسب جعلت موقفه محيِّرًا، فكان من المفترض عليه، وهو العاقل الحكيم أن يقبل دعوة ابن خاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالعلاقة بينهما -لا شكَّ- وطيدة منذ الصغر لدوافع القرابة؛ لكنَّه للأسف استجاب لدعوة الكفر، التي كان يقودها ابن عمِّه أبو جهل؛ بل لعلَّه كان يُبالغ في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يتَّهمه أبو جهل بالتخاذل لكونه ابن عمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لذا تنقل كتب السيرة أنَّه كان من أشدِّ الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم! وكان يَكْره رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بسبب هذه القبليَّة المقيتة، ولسببٍ آخر كذلك! فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد اخترق عقر داره! فقد أسلمت أخت عبد الله بن أبي أمية منذ الأيَّام الأولى للإسلام، وهي أم سلمة رضي الله عنها! وكذلك أسلم زوجها المخزومي أبو سلمة رضي الله عنه، فيرى عبد الله بن أبي أمية أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شقَّ بذلك عائلته، وشتَّت أسرته! ولذلك كان يُجاهره بالعداء، ويُقال: إنَّه هو الذي اشترط على رسول الله صلى الله عليه وسلم تفجير ينبوع من الماء في مكة حتى يُؤمن به! وفي ذلك أنزل الله قوله سبحانه: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [الإسراء: 90][6]، ولهذا وجدناه مع أبي جهل عند أبي طالب يبذل قصارى جهده لصدِّ الرجل عن الإسلام، عِلْمًا بأنَّ أبا طالب هو خال عبد الله بن أبي أمية! ولكن -للأسف- كان عبد الله بن أبي أمية غير حريصٍ على مصلحة عمِّه الحقيقيَّة؛ إنَّما كان يتحرَّك بدوافعه الشخصيَّة، ومصالحه الذاتيَّة. لكن الأعجب في قصة عبد الله بن أبي أمية لم يُذكر بعد! فالأيَّام دارت بعد ذلك وجاء فتح مكة -كما سيأتي إن شاء الله- بعد أكثر من عشر سنوات من هذا الموقف، موقف وفاة أبي طالب، وفكَّر عبد الله في الإسلام! وخرج مع أبي سفيان بن الحارث لمقابلة الجيش الإسلامي الفاتح، لعلَّهم يُنقذون أنفسهما من القتل المحتمل، واستأذنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم للدخول، فرفض رسول الله صلى الله عليه وسلم في البداية! حتى مع وساطة أم سلمة رضي الله عنها! وهي أخت عبد الله بن أبي أمية، وقد صارت زوجًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها الأول أبي سلمة رضي الله عنه. قال ابن عباس رضي الله عنهما: وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَدْ لَقِيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَنِيَّةَ الْعِقَابِ[7] فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَالْتَمَسَا الدُّخُولَ عَلَيْهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ عَمِّكَ، وَابْنُ عَمَّتِكَ وَصِهْرُكِ. فَقَالَ: «لَا حَاجَةَ لِي فِيهِمَا، أَمَّا ابْنُ عَمِّي فَهَتَكَ عِرْضِي[8]، وَأَمَّا ابْنُ عَمَّتِي وَصِهْرِي فَهُوَ الَّذِي قَالَ لِي بِمَكَّةَ مَا قَالَ[9]». فَلَمَّا خَرَجَ الْخَبَرُ إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَمَعَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ ابْنٌ لَهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَأَذْنَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَوْ لآخُذَنَّ بِيَدِ ابْنِي هَذَا، ثُمَّ لَنَذْهَبَنَّ فِي الأَرْضِ حَتَّى نَمُوتَ عَطَشًا أَوْ جُوعًا. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهُمَا فَدَخَلَا عَلَيْهِ..[10]. ثم الأعجب والأعجب في قصَّة عبد الله بن أبي أمية أنَّه قد حَسُن إسلامه، وقوي إيمانه، وشهد بعد هذا الموقف فتحَ مكة ثم حنينًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت الخاتمة السعيدة العجيبة إذ رأيناه يموت شهيدًا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطائف[11]! 
ما أعجب النهايات، وإنَّ العبرة -حقًّا- بالخواتيم! 
ولعلَّ أشدَّ ما كان يُنَغِّص على عبد الله بن أبي أمية رضي الله عنه حياته بعد إسلامه إلى استشهاده هو أنَّه كان أحد الأسباب في وفاة خاله أبي طالب على الكفر! وخاصَّةً أبي طالب؛ لأنَّ وفاة أبي طالب كافرًا كانت من أكثر الأمور التي أحزنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شكَّ أنَّ مشهد وفاته لم يَغِبْ عن ذاكرته قطُّ؛ ولكن الحمد لله أن الإسلام يَهدم ما قبله[12]، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فليس لهذه الخطيئة الكبرى وجود في صحيفة عبد الله بن أبي أمية رضي الله عنه إن شاء الله. وكما أنَّ مثال أبي جهل متكرِّرٌ كثيرًا في التاريخ فكذلك مثال عبد الله بن أبي أمية، فكم من البشر هم في الواقع قريبون من الإيمان لولا بعض الحواجز الدنيويَّة، ولو أُزيحت هذه الحواجز وجدناهم من أعظم الناس إيمانًا، ومن أقربهم إلى الله عز وجل؛ بل قد يختمون حياتهم شهداء! وتبقى الهداية مِنَّة من الله عز وجل يهبها لمن شاء من عباده؛ قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: 272]. هذا هو عبد الله بن أبي أمية المخزومي..
 أما الشخصيَّة الثالثة في الموقف فهو أبو طالب!
 إذا كنَّا قد تعجَّبنا من إصرار أبي جهل ومصابرته، ثم تعجَّبنا من تغيُّر الخواتيم عن البدايات في قصة عبد الله بن أبي أمية، فإنَّ العجب الأكبر يكون فيمن توفَّرت له كلُّ أسباب الإيمان ثم لم يؤمن! وهذا أوضح ما يكون في موقف أبي طالب! إنَّه الرجل العاقل البليغ الذي أدرك معجزة القرآن من أول يوم؛ حتى إنَّه ما تردَّد عندما سمع كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعلن عن نصرته ما بقيت فيه حياة، وهو لن يقول ذلك إلا إذا سمع ما يُؤَكِّد له أن القرآن حقٌّ، وهو الرجل المحبُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يتلقَّى كلماته مُصْغيًا بكل ذرة من كيانه، وهو الرجل المصدِّق لابن أخيه، فلم يُجَرِّب عليه كذبًا قط، وهو الرجل الذي رأى المعجزات الكثيرة بعينيه، وآخرها نبأ الأرضة التي أكلت الصحيفة الظالمة ولم تترك فيها إلا ما كان من اسمٍ لله، وهو الرجل الزعيم الذي ستقوى زعامته وتزداد عندما يتحقَّق لابن أخيه ما وعد به من حُكم العرب والعجم، وهو الرجل الأكبر في بني هاشم، الذي سيُضاف إلى فخر قبيلته أنَّه كان منها نبيٌّ يأتيه الوحي من السماء! 
إنَّه بلا مبالغة من أكثر الناس قربًا للإسلام!
 إنَّه أقرب من عمر بن الخطاب، أو مصعب بن عمير، أو عثمان بن عفان، أو عمرو بن عَبَسَة! ما حجته في رفض الإسلام؟! 
يقول أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مُعَبِّرًا عن حاله، ومُعتذِرًا عن الإيمان بالله الواحد: «لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ؛ يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ»! وكأنه بهذا الكلام يُضَحِّي بنفسه كي يحفظ هيبة قبيلته وصورتها، فلا يقال: إنَّ زعيمها يجزع عند الموت! والسؤال هو: ما علاقة إعلانه للإسلام بالجزع؟ هل يقصد أنَّ العرب سيُعَيِّرون قريشًا أنَّ زعيمها يخاف من البعث والنشور إذا صدق أمر البعث؟ أم سيُعَيِّرُونها أنَّه يخاف من الله إذا حاسبه؟ أم أنَّه يخاف من زبانية النار الذين حذَّرهم منهم محمد صلى الله عليه وسلم؟ إنَّني لا أستطيع أن أتفهَّم في الحقيقة حُجَّة أبي طالب، ولا معنى الجزع المانع له من الإسلام في كلامه؛ لذا فأنا أرى أنَّ دافعه كان مختلفًا عمَّا أعلن! إنَّه كان -في رأيي- يحبُّ أباه عبد المطلب، وأجداده هاشمًا وعبد مناف وغيرهما حبًّا قبليًّا طاغيًا أغلق قلبه تمامًا عن فهم الحقيقة! أحبَّهم حبًّا سيطر على عقله فلم يترك له مساحةً يُفَكِّر فيها أو يتدبَّر، وهذا في الحقيقة كان مرضًا متفشِّيًا في العرب منع كثيرًا منهم من الإيمان؛ لأن إيمان أبي طالب هنا يعني أنَّ عبد المطلب وآباءه كانوا مخطئين، وهذا ما لا يقبله أبو طالب! 

هذا هو الذي منع أبا طالب من الإسلام وليس الخوف من تعيير قريش! 
والحقُّ أن هذه كانت أزمة كبيرة تشغل مساحة ضخمة من عقول العرب؛ ولذلك أفرد الله عز وجل لها في كتابه آيات كثيرة؛ قال تعالى ينقل قول المشركين: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الأعراف: 70]، فلم تكن القضية هي قضية التوحيد، أو قضية من هو الأحقُّ أن يُعْبَد؛ ولكن كانت مشكلتهم في أن يذروا ما كان يعبد آباؤهم، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 170]، وقال: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة: 104]، وقال أيضًا: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف: 22-24]. إنها إذن مشكلة مزمنة أدَّت إلى عواقب وخيمة عند الكثيرين، ومنهم أبو طالب.
 إنَّ أبا طالب -في الحقيقة- كان يحبُّ آباءه أكثر من حبِّه لله، وكانت رغبته في إقرار عين عبد المطلب وهو ميِّتٌ أعظم عنده من إقرار عين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حيٌّ! واطَّلع الله على قلبه فعَلِمَ منه ذلك، فلم يكتب له الهداية! وحاشا لله أن يكون الرجل مظلومًا؛ ولكنَّه عرف الحقَّ ورفضه، وأبى إلَّا أن يتَّبع هواه.
 قد يظنُّ البعض أنَّ هذا كلامًا قاسيًا على رجلٍ نصر الدعوة بكلِّ طاقته، وضحَّى من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم تضحيَّات عظيمة، وباع زعماء قريش جميعًا واشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم هو في النهاية رجلٌ يحبُّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم! لكن قبل أن نصف الكلام بالقسوة لا بُدَّ من النظر إلى نقطتين: 
أمَّا الأولى فهي أنَّه على الرغم من كلِّ ما قدَّم أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّه ارتكب أعظم الذنوب مطلقًا، وهو ذنب الشرك بالله؛ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ». قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ..»[13]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، وقال: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 116]، فهذه كلها أدلَّة على قُبح الفعل وشناعته، وهي نصوصٌ صريحةٌ في عدم المغفرة لمن ارتكب هذا الذنب العظيم، ولا ينبغي لنا في خضمِّ عرفاننا بجميل أبي طالب أن ننسى أنَّه كان يرفض السجود لله سبحانه؛ بينما يفعل ذلك لهبل واللات والعزى! 
وأمَّا النقطة الثانية فهي أنَّ هناك نصوصًا كثيرة تُثبت أنَّ أبا طالب من أهل النار؛ فقد أمر اللهُ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يستغفر لأبي طالب تحديدًا لأنَّه من أصحاب الجحيم، فقال: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: 113]، وقال المسيب بن حزن رضي الله عنه -كما مرَّ بنا- أن الآية نزلت في أبي طالب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوقَّع أن ينهاه اللهُ عز وجل عن طلب المغفرة لأبي طالب لكونه مشركًا، فقال كلمته التي مرَّت بنا: «وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». ثم جاء النهي بعد ذلك كما نعلم، فكفَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار له، ومع ذلك فقد شفع له عند الله أن يُخَفِّف عنه العذاب لكونه كان ناصرًا له طَوَال عمره، فاستجاب الله لشفاعته وخفَّف عنه، وقد كان السبب في الشفاعة هو نصرة أبي طالب للرسول صلى الله عليه وسلم وليس القرابة منه؛ فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشفع لأبي لهب، وله القرابة نفسها. 
وقد جاءت عدَّة روايات في أمر هذه الشفاعة:
 فعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: «هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ»[14]. 
وعن عبد الله بن الحارث، قال: سمعتُ العباس رضي الله عنه، يقول: قلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ فَهَلْ نَفَعَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ، فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ»[15]. 
وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ، فَقالَ: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ»[16]. 
وروى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ»[17]. 
فماذا بعد هذه الأحاديث؟ إنَّ مصيبة الشرك بالله لأعظم المصائب مطلقًا، ولا يُجدي معها عمل صالح، ولا نوايا طيبة، وفي الوقت الذي يَحْلُم فيه كلُّ مؤمن بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم نجد هنا أنَّه صلى الله عليه وسلم يجتهد بنفسه قدر ما يستطيع فلا يقدر بشفاعته عند الله إلَّا على تخفيف العذاب، فينتهي أمر أبي طالب إلى نعلين من نار يغلي منهما دماغه! وفي نهاية الحديث عن أبي طالب أحبُّ أن أُشير إلى أنه قد كُوفِئ على جميل صنعه في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالله عز وجل لا يظلم مثقال ذرة، ولستُ أعني فقط بالمكافأة التخفيفَ عنه في الجحيم؛ ولكنه في الواقع كُوفئ كذلك في الدنيا، فإنه كان ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حبًّا في دينه أو عقيدته أو نبوته، إنما حبًّا لشخصه وذاته، بمعنى أن حبَّه كان حبًّا فطريًّا كحبِّ الأب لابنه، وهذا الحبُّ كان يدفعه لكي يبذل الجهد ليرى هذا الابن سالِمًا معافًى بعيدًا عن الأذى، وهذه المعافاة للابن تُحَقِّق له السعادة التي يُريد، وقد نجحت محاولات أبي طالب في الزود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من المواقف، ورآه سالِمًا معافًى كما تمنَّى، فتَحَقَّق له في الدنيا ما كان يُريد، وليس له بذلك في الآخرة نصيب؛ قال تعالى موضِّحًا هذه النقطة الدقيقة في حياة العباد: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا * لَا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ [الإسراء: 18-22]. 
كان هذا هو أبو طالب! أمَّا الشخصية الرابعة في الموقف فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم! وهذا ما نفصِّله بإذن الله في مقالٍ منفرد[18].
 [1] أبو سعيد: هو المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو القرشي المخزومي رضي الله عنه، له ولأبيه صحبة، هاجر إلى المدينة مع أبيه حزن؛ كان ممَّن بايع تحت الشجرة، وشهد اليرموك بالشام. انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 5/172.
 [2] سورة التوبة مدنية كما روى ابن عباس وعبد الله بن الزبير وقتادة وخلق كثير، وحكى بعضهم الاتفاق عليه، واستثنى آخرون: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ الآية، انظر: السيوطي: الإتقان في علوم القرآن 1/58، والألوسي: روح المعاني 5/235، وابن عاشور: التحرير والتنوير 10/97، وقال ابن حجر: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْآيَةِ تَأَخَّرَ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا تَقَدَّمَ، وَيَكُونُ لِنُزُولِهَا سَبَبَانِ؛ مُتَقَدِّمٌ وَهُوَ أَمْرُ أَبِي طَالِبٍ، وَمُتَأَخِّرٌ وَهُوَ أَمْرُ آمِنَةَ، وَيُؤَيِّدُ تَأْخِيرَ النُّزُولِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ مِنَ اسْتِغْفَارِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُنَافِقِينَ حَتَّى نَزَلَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ النُّزُولِ وَإِنْ تَقَدَّمَ السَّبَبُ. ابن حجر: فتح الباري 8/508، وقال وهبة الزحيلي: وظاهر هذا أنَّ الآية نزلت بمكة؛ ولأنَّ أبا طالب مات بمكة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين. ونظرًا إلى أنَّ هذه السورة مدنية، فقد استبعد بعض العلماء أن تكون نزلت في أبي طالب. وهبة الزحيلي: التفسير المنير 11/58، 59. 
[3] البخاري: كتاب التفسير، سورة القصص (4494)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب أول الإيمان قول: لا إله إلا الله (24). 
[4] مسلم: كتاب الإيمان، باب أول الإيمان قول: لا إله إلا الله (25)، والترمذي (3188)، وأحمد (9608). 
[5] انظر: البلاذري: أنساب الأشراف 10/199، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 11/539، وابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/868، وابن الأثير: أسد الغابة 3/176.
 [6] عن يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد، قال: قلت له في قوله تعالى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [الإسراء: 90] قال: قلت له: نزلت في عبد الله بن أبي أمية، قال: قد زعموا ذلك. انظر: الطبري: جامع البيان 17/558، والرازي: مفاتيح الغيب 3/644، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن 6/393، وقال الزحيلي: وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ﴾: قال: نزلت في أخي أم سلمة: عبد الله بن أبي أمية، مرسل صحيح شاهد لما قبله، يجبر المبهم في إسناده. انظر: الزحيلي: التفسير المنير 15/ 164. وقيل: عبد الله بن أبي أميَّة بن المُغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهو ابن عمته هو لعاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورًا، ليعرفوا منزلتك من الله فلم تفعل ذلك، ثم سألوك أن تُعَجِّلَ ما تخوِّفهم به من العذاب، فوالله لا أومن لك أبدًا، حتى تتخذ إلى السماء سلمًا ترقى فيه، وأنا أنظر حتى تأتيها، وتأتي معك بنسخة منشورة معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وايم الله لو فعلت ذلك لظننتُ ألا أصدِّقك. الطبري: جامع البيان 17/559، والبغوي: معالم التنزيل 3/162. 
[7] ثنية العقاب (هكذا في المستدرك والمعجم الكبير): الثنية في الأصل كلُّ فرجة في الجبل مسلوكة، وهي في كتب السيرة والتاريخ بلفظ: نِيق العقاب: وهي موضع بين مكة والمدينة قرب الجحفة، لقي به أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد مكة عام الفتح. انظر: أبو عبيد البكري: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع 4/1341، وياقوت الحموي: معجم البلدان 5/333، والنيق: أرفع موضع في الجبل، وقيل: حرْفٌ من حروفِ الجبل. الزبيدي: تاج العروس 26/444. [8] قال العامري: أمَّا ابن عمي فهتك عرضي؛ أي: بما ينسبني به من الهجاء في شعره. قيل: إنَّه بعد إسلامه ما رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حياء منه لما كان يهجوه. انظر: العامري: بهجة المحافل وبغية الأماثل 1/403. 
[9] قال السهيلي: فهو الذي قال لي بمكة ما قال: يعني حين قال له: والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلمًا إلى السماء فتعرج فيه وأنا أنظر ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون لك أن الله قد أرسلك. انظر: السهيلي: الروض الأنف 7/206، ولعله يقصد -أيضًا- ما ذكرناه من أنه طلب منه تفجير ينبوع في الأرض.
 [10] الحاكم (4359) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد 6/167.
 [11] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/868، 869، وابن الأثير: أسد الغابة 3/176، وابن حجر العسقلاني: الإصابة 4/10-12. [12] قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ: «تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟» قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟». مسلم: كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج (121).
 [13] البخاري: كتاب التفسير، سورة البقرة (4207)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده (86). 
[14] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب قصة أبي طالب (3670)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (209).
 [15] مسلم: كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (209).
 [16] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب قصة أبي طالب (3672)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (210). 
[17] مسلم: كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابًا (212)، وأحمد (2636). 
[18] انظر: وفاة أبي طالب.. أشد أحزان الرسول.

المزيد :قصة وفاة أبي طالب.. أشد أحزان الرسول

المصدر :موقع قصة الإسلام